لا يعرفون الهزيمة والتقهقر

أبو غلام الله

 

إنّ أبطال الإمارة الإسلامية عندما وضعوا أمام أعينهم إحدى الشارتين؛ النّصر والشهادة، صاروا لا يعرفون الهزيمة والتقهقر؛ لأنّ المجاهد الذي يسير نحو المعركة يعلم أنّه يضع روحه على كفّه وفي أي لحظة يتوقع أن ينتقل إلى الدار الآخرة، فالذي يعطيه الطمأنينة هو إيمانه بالله وتصديقه بوعده ووعيده، ورغبته في أن يظفر بالحسنى، ويرتاح من البلاء، ويختم له بخاتمة السعادة، وبهذه الروح المتوثبة العالية يتقدّم المجاهدون، فسقطت مراكز المديريات أمامهم واحدة تلو الأخرى حتى وصلوا بوّابات مراكز المحافظات والولايات.

وبات المسلمون يدعون لهم بالخير في كلّ مكان، ويبتهلون ويناجون ربهم لينصرهم على أعدائهم في كل الميادين، وباتت الشعوب تدين بالفضل إلى هؤلاء الكرام الذين رفعوا رايات التوحيد، ومشاعل النّور والهداية فوق كل رابية، وضفاف كلّ نهر، وفي الوديان والصحاري، حتى خضدوا شوكة الصليبيين، وقذفوا الرعب في قلب كل عدوّ، والمحبة في قلب كلّ طالب للهداية والرشاد، وما ذلك إلا بفضل الله الذي عرفوه، فأقاموا أنفسهم على دينه خير قيام، فبات الجنود يستسلمون إليهم زرافاتٍ ووحدانًا، بعدما رأوا تعاملهم المثالي، وخلقهم النبيل مع الأسرى.

والشيخ محمد نعيم وردك قد أجاب مذيعةَ الجزيرة جوابًا مقنعًا عندما سألتْه عن سبب تسارع استحواذ المجاهدين على المناطق فقال: لا بدّ أن يدرك الجميع والعالم والمجتمع الدولي ويفهموا الواقع، والواقع يختلف عمّا كانوا يظنّون أو يزعمون أو يُقال لهم، لأنّ الجميع يشاهد الآن ويرى أن الشعب مع المجاهدين، وأنّ الشعب ينضمّ يومًا بعد يوم إلى المجاهدين. هناك مناطق واسعة تنضمّ إلى المجاهدين.

فهل من الممكن أو من المعقول أن تنضم حوالي 130 مديرية أو أكثر إلى المجاهدين في أقلّ من شهر؟ وليست مع المجاهدين الدبابات ولا الطائرات ولا الصواريخ. وعلى عكس ذلك تمامًا، في الجانب المقابل الإدارة العميلة معها الدبابات والطائرات والصواريخ والدّعم الخارجي، فكيف يمكن للمجاهدين السيطرة على هذه المناطق بالقوّة، هل هذا معقول؟

أجل؛ وقف الجنود ومن في إدارة كابل من العملاء في أفغانستان في حالة بئيسة حزينة لا يحسدون عليها، لا يدرون ماذا يقولون في المؤتمرات والمجالس، وانفرط عقدهم، وساداتهم الأمريكان يتسلون بالسخرية بهم، ولا يعبؤون بهم، فانسحبوا من قاعدة باغرام الجوية ولم يخبروهم، فهل بعد هذا الاحتقار احتقار؟

وسقطت أكثر من 190 مديرية في أيدي المجاهدين في أقل من شهرين، وتخندق المجاهدون الآن على بوابات مراكز الولايات وهي تحتضر لتلفظ أنفاسها، والانتصارات متوالية كسرعة البرق والحمد لله، وعزائم جند الله تحتدّ وتشتدّ، والأمريكان وعملاؤهم منهارون، والعملاء يرتجفون هلعًا، وخير شاهد على ذلك هلع (أمر الله صالح) في مقطع صوتي وهو يهدد ويرتجف، ولن تستطيع الإدارة العميلة أن تصنع شيئًا، ولن تستطيع – إن شاء الله – أن تتمالك نفسها في أفغانستان إلا إذا ركبت لكل جندي أو مليشي عميل أرجلًا من حديد، وأدخلت في كل قلب واحد أسدًا لترتفع معنوياته المتحطمة.

إنّهم لا يعلمون أنهم يواجهون القدر، ويحاربون الله، والله –سبحانه- لا يقهر، ومشيئته لا ترد، وإرادته لا تهزم (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا) [فاطر 44].

 

كناطح صخرة يومًا ليوهنها               فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

 

فلا بديل للعملاء سوى المجاهدين الذين يحملون دين الله بين جوانحهم لينقلوه واقعًا مطبّقا فوق أرضهم: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم].

فعلى المسلمين أن يركزوا جهدهم وجهادهم، وأموالهم وأعصابهم، وأن يصبّوا طاقاتهم في هذه الأشهر القريبة ليشاركوا في قيام إمارة إسلامية تبسط الأمن والأمان والعيش الرغيد، وتكافح الجهل والفساد والفحشاء والمنكر.