لمحة عن حياة القائد الشيهد الملا عبدالرحمن آخند رحمه الله

مسؤول ثالث من مسؤولي الولايات للإمارة الإسلامية يقضي نحبه في سبيل الله هذا العام وينضم إلى قافلة الشهداء.

نعم! استشهد المسؤول العام لولاية هيرات القائد الملا عبدالرحمن آخند رحمه الله مع ستة من مرافقيه في قصف لطائرات العدو الصليبي، وذلك في أواخر شهر ذي القعدة الحرام عام 1435 الهجري.

وهو المسؤول الثالث من مسؤولي الولايات الذين ارتقوا هذا العام في سبيل الله، فقد قتل قبله الفارس المقدام المولوي نور قاسم حيدري مسؤول ولاية كونر، والدكتور عبد الواسع عزام مسؤول ولاية قندهار رحمهما الله، وفي هذه الحلقة نلقي نظرة سريعة حول سيرة القائد الشهيد الملا عبد الرحمن رحمه الله نرجو أن تقرأوها معنا.

 

القائد الشهيد الملا عبدالرحمن آخند تقبله الله:

ولد الشهيد الملا عبد الرحمن آخند بن الملا محمد هاشم بن الملا محمد رسول آخند في منطقة جيجه بولاية فراه بمديرية  بكوا في أسرة ذات علم ودين، في عام 1397 الهجري، وينتمي القائد إلى القبيلة الباشتونية (نورزاي).

وبما أن أب الشهيد كان فقيها و عالم دين، فقد نهل القائد منذ صغره من علم والده، فتعلم العلوم الإبتدائية على والده، ثم التحق بمدرسة الشيخ المولوي محمد حسين في منطقة غازي اباد بمديرية بكوا، ثم سافر إلى ولاية هلمند ومنها إلى إقليم بلوشستان ليكمل مرحلته الدراسية، إلا أنه لما وصل إلى الثانوية الخاصة نشأت حركة طالبان الإسلامية ضد عصابات الشر والإجرام في أفغانستان، وفي حين لم يفتح مجاهدو طالبان إلا مدينة كندهار، ولم يدخلوا إلى مناطق البلاد الأخرى، انضم الملا عبد الرحمن آخند بقيادة القائد الشهيد الملا محمد صادق آغا إلى هذه الحركة المباركة في ولاية فراه.

 

الخدمات الجهادية في صفوف الإمارة الإسلامية:

بعد فتح ولاية كندهار كانت جبهتا ولاية كابول وهيرات أسخن جبهات القتال وأشدها ضراوة، وكانتا دوما تشهدان اشتباكات عنيفة بين المجاهدين والبغاة، فتوجّه الملا عبد الرحمن رحمه الله أولاً إلى جبهة كابول وقدم خدمات جهادية جليلة فيها، ثم نفر إلى جبهة هيرات الواقعة آنذاك في غريشك و فراه، وشارك في المعارك الشديدة التي شهدتها هذه الجبهة وكان للمجاهدين فيها تقدما ثم تأخرا، حتى أنه ساهم في فتح ولاية هيرات التاريخي.

وبعد فتح ولاية هرات صارت ولاية بادغيس وفارياب خطوطاً أمامية للقتال، وكان الشهيد القائد محمد صادق آغا رحمه الله أميرا على كتيبة من المجاهدين هناك، وكان الملا عبد الرحمن آخند رحمه الله يجاهد تحت قيادته، ولما فتح الله ولايات شمال على أيدي المجاهدين، عُين القائد الملا محمد صادق آغا والياً على ولاية فارياب، وبعد مدة لما استشهد الملا محمد صادق تولى القائد الملا عبد الرحمن منصب ولاية فارياب إلى مدة، وكان في هذه المدة يتردد على جبهات القتال في تخار ودره صوف ويقوم بنشاطات جهادية.

وقبيل عدوان الصليبيين على بلادنا الحبيبة وُظف مديراً لمديرية غوريان بولاية هيرات، ولما شنّ الأمريكان حملة صليبية على أفغانستان وانسحب المجاهدون عاد إلى منطقته لينسق صفوف المجاهدين للجهاد ضد أمريكا الصليبية المعتدية.

 

الجهاد ضد أمريكا:

وبعد انحياز الإمارة الإسلامية من المدن تحولت الحرب من حرب تقليدية إلى حرب غير تقليدية، فبدأ المجاهدون في الإعداد لشن حرب العصابات وحملات الكر والفر على قوافل الصليبيين و قواعدهم، ولا يخفى على أحد بأن العبوات أنجع وسيلة من وسائل حرب العصابات، فتدرّب الملا عبدالرحمن وإخوانه المجاهدون على المتفجرات وكيفية استخدامها، ثم أخذوا في تطبيق ما تعلموه على الساحة، وتفجير عربات الصليبيين في ولاية فراه، ولأول مرة فجروا سيارة للصليبيين من نوع كروزين في مديرية بكوا على طريق قندهار ــــ هيرات. وعلى ذات الطريق قام هو وإخوانه المجاهدون بإعطاب سيارتين لعملاء الصليب في كمين، ثم فجّروا دبابة للقوات الإيطالية وهكذا انطلقت سلسلة من هجمات على الصليبيين وتحولت ولاية فراه إلى جبهة ساخنة وثغر عظيم للجهاد في سبيل الله.

وفي أوائل الاحتلال الصليبي لما نسق المجاهدون صفوفهم من جديد، وعيّنت الإمارة أمراء ومسؤولين للجبهات والولايات، كانت في ولاية فراه خمس جبهات جهادية، فتولى الملا عبد الرحمن آخند مسؤولية جبهة مديرية بكوا الجهادية، ولما اُلغي تشكيل الجبهات وأعلنت الإمارة الإسلامية عن تشكيل جديد على أساس المديريات، أوكلت له مسؤولية مديرية بكوا لولاية فراه.

كان الشهيد رحمه الله مسؤولاً جهادياً لمديرية بكوا لمدة ستة أعوام، ثم وُظف مسؤولاً على مديرية بالا بلوك، ثم عُين مسؤولاً جهادياً على ولاية نيمروز، وبعد خدمة ثمانية أشهر أوكلت إليه مسؤولية ولاية هيرات، ولم يمضِ على مسؤوليته هذه سوى 19 شهراً حتى عانقته الشهادة في سبيل الله، ونال ما كان يتمناه نحسبه كذلك والله حسيبه.

وبالإضافة إلى المسؤوليات المذكورة آنفاً، فقد كان شهيدنا عضواً في اللجنة العسكرية لإمارة أفغانستان الإسلامية، وقد شن المجاهدون عمليات جهادية كثيرة تحت قيادته، نشير إلى بعض منها فيما يلي:

ـــ في صيف عام 2004 الميلادي شنّ المجاهدون كميناً على رتل عسكري للعدو في مديرية بكوا، مما أدى إلى مقتل 18 جندياً من عساكر العدو، وغنم المجاهدون ستة سيارات وأسلحة كثيرة وأغراضاً عسكرية أخرى.

ـــ في العام الذي أعلنت فيه الإمارة الإسلامية عمليات الفتح، تم تدمير 14 سيارة للعدو وقتل العديد من جنوده.

ـــ وفي عمليات الفتح ذاتها، تم إعطاب 180 دبابة للعدو بالعبوات الناسفة في مديرية بكوا فقط، وقد أدت هذه التفجيرات إلى مقتل وجرح المئات من جنود الصليبيين وأذنابهم.

ـــ في بداية عمليات بدر، هاجم المجاهدون قافلة للأمريكان في منطقة سياواغا بمديرية بكوا، وكانت حصيلة العمليات تدمير 5 عربات ومقتل 15 جندياً من جنود الأمن، وأسر قائد الحراس، وإسقاط طائرة للعدو.

ـــ في عمليات بدر، دمرت قافلة تموين عن آخرها في منطقة بيتاوك بمديرية كلستان، وتم فيها إحراق سيارتين من نوع سرف، و22 صهريجاً.

ـــ وفي نفس العام شن المجاهدون هجوماً على سيارات القافلة اللوجستية للعدو، وتم تفجير وتدمير 12 سيارة منها.

ـــ وفي نهاية عمليات بدر في الشتاء، هاجم المجاهدون حراساً أمريكان، فأسفرت العملية عن مقتل 18 جندياً، وإعطاب 12 سيارة، وغنم المجاهدون 12 قطعة من السلاح الخفيف وأربعة بيكا، وأجهزة حربية أخرى.

ـــ وفي سلسلة عمليات الفاروق، هاجم المجاهدون رتلاً عسكرياً لعملاء الصليب بقيادة القائد الملا عبد الرحمن، وكانت نتيجة العمليات مقتل وجرح ما لا يقل عن ستين جندياً عميلاً، وغنم المجاهدون غنائم كثيرة، وقد تم سحق العدو بالكامل في ميدان المعركة، إلا أن المجاهدين كانوا في انسحاب من ساحة القتال فقصفتهم طائرات العدو، فارتقى 22 مجاهداً شهداء في سبيل الله نحسبهم كذلك والله حسيبهم.

 

استشهاده في سبيل الله:

إن عائلة الشهيد الملا عبد الرحمن رحمه الله أسرة جهاد وشهادة، حيث قدمت في الجهاد ضد أمريكا الصليبية 11 فرداً من أفرادها بينهم شقيقين للقائد الملا عبد الرحمن رحمه الله، هما الشهيد عبد السلام، والشهيد عبد الغفار رحمه الله، كما أصيب هو بنفسه بجروح مرتين في سبيل الجهاد. وفي الآونة الأخيرة كان العدو يعمل في سعي حثيث للقضاء عليه أو إلقاء القبض عليه، وقد نفذ العدو عدة مداهمات ليلية لهذا الغرض، والأمريكان خاصةً قاموا بشن مداهمتين قبيل استشهاده، في شيندند ثم في مديرية غوريان، وقد استشهد في مداهمة غوريان ثلّة من المجاهدين ومنّ الله عليه بالنجاة، ولما عاد بعد ذلك إلى موطنه بكوا شنّت طائرات الصليب هجوماً جوياً على القائد الشهيد فارتقى مع ستة من مرافقيه شهيداً في سبيل الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

لقد كان استشهاد القائد الشهيد رحمه الله حدثاً مفجعاً للمجاهدين عامة، والإمارة الإسلامية خاصة، وقد جاء في تصريحات الناطق الرسمي للإمارة الإسلامية، القارئ محمد يوسف أحمدي، حول إستشهاد القائد الملا عبد الرحمن رحمه الله:

تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ استشهاد القائد المجاهد مسؤول ولاية هرات الحاج الملا عبد الرحمن مع ثلّة من إخوانه في هجوم صاروخي شنته طائرات بلا طيار. كان القائد الشهيد يجاهد في سبيل الله منذ عدة سنوات في ولاية فراه وهرات ضد القوات المحتلة والعميلة، وقد أقض الشهيد مضاجع الصليبيين وأذنابهم في المنطقة بعملياته الجهادية، ولذا كان تحت مراقبة العدو الجبان ورصده.

إن الشهيد البطل الحاج عبد الرحمن رحمه الله كان مجاهداً صبوراً وقائداً جسوراً وشخصية جهادية معروفة في المنطقة، قدّم خدمات جليلة وتضحيات جسام في سبيل الله.

لقد قدم الشيهد الملا عبد الرحمن هذه الخدمات الجهادية الجليلة في الظروف الصعبة التي مر بها الجهاد المبارك ضد الاحتلال الصليبي في مختلف ولايات البلد.

ويذكر أصدقاؤه المجاهدون أن القائد الشيهد كان دوماً يستفتي العلماء في القضايا الجهادية ويستشيرهم فيها، ويقود المجاهدين بحنكة ودهاء، ويشارك معهم في العمليات الجهادية.

 

إن استشهاد القائد الملا عبد الرحمن، وإن كان حدثاً مفجعاً وخسارة كبرى لصف المجاهدين، لن يؤثر سلباً على معنويات المجاهدين وعملياتهم الجهادية، إن مجاهدي الإمارة الإسلامية مشتاقون إلى القتل في سبيل الله، وقد رأوا قادتهم وإخوانهم سبقوهم في ذلك، وقد خلف القائد الشهيد وراءه مجموعة مكوّنة من 900 مجاهد، كلهم عازمون على متابعة مسيرته والسير على خطاه، وإن شاء الله سيأخذون بثأره من عباد الصليب وعملائهم.