من ثمار الهدنة

سادات تشرخي

 

بعد 17 عاماً دامياً من سلسلة القتل والدماء، أعلن عن وقف إطلاق النّار الشامل في ثلاثة أيام، فجلب انتباه جميع الأفغان. وقف إطلاق النار الذي أتى صُدفة ولم يكن إجبارياً كان يحمل أسراراً ومصالح كبيرة، ولعله يثير أسئلة لكثيرين، ولعل البعض يتردد في مشروعيته، ولعله دوّخ كثيراً من المواطنين، فأردتُ أن أتكلم في هذا المضمار قليلاً.

لا شك بأنّ لأمير المجاهدين مسؤوليات كبيرة وعلى جميع الجنود طاعته في جميع الأمور، وعلى الجنود أن يقاتلوا إذا أمرهم بذلك وينتهوا عنه إن أمرهم بإيقافه، فهذه من صلاحيات الأمير متى يضرم أوار الحرب ومتى يبرد سخونته، إلا أنّ ما هو ضروري لجميع المجاهدين أن يطيعوه فيما يأمرهم أو ينهاهم.

ففي وقف إطلاق النّار الأخير كمنت مصالح كبيرة، فرأى أمير المؤمنين بأنْ يتوقف المجاهدون عن الرمي في أيام عيد الفطر حتى لا يُتهم المجاهدون بتسعير الحرب وإشعال النّار، وليتردد الأفغان لزيارة أقاربهم في المناطق التي هي في قبضة المجاهدين وتحت سيطرتهم، ويروا أوضاع الناس وأمورهم عن كثب، إلا أنّ المحتلّين الأجانب لم يشملهم الحكم في التأمين بل هم مستهدفون من قبل المجاهدين أينما حلّوا أو وجدوا.

مع الأسف الشديد بعض المجاهدين لم يفقهوا كيفية وقف إطلاق النّار نظراً لقلة الوقت والظروف المناسبة، فارتكبوا بعض الأخطاء وهي ليست فاضية عن الخير إن شاء الله.

أجل؛ إنّ هذه الأيام التي أعلن فيها وقف إطلاق النّار، تحتوي في طياتها حكماً كثيرة، وفوائد عديدة، ومصالح تتضح للمواطنين. إنّ هذه الأيام الثلاثة استطاعت أن تزيل الأسئلة والشكوك والأوهام والتُهم التي شوّهوا بها صورة المجاهدين عبر وسائل الإعلام.

وفيما مضى شوّه أعداء الإسلام صورة المجاهدين عبر وسائل الإعلام الأجيرة، وأدخلوا في أذهانهم هذه الشكوك:

  • أنّ المجاهدين ليسوا تحت قيادة واحدة، ولا يطيعون أميراً واحداً!
  • أن المجاهدين لهم جماعات وفئات مختلفة، ولكل فرقة أو جماعة أمير يخصها.
  • أنّ المجاهدين يُقاتلون وفقما تأمرها الاستخبارات الأجنبية، وإنّ حضور أمريكا لا إشكال فيه.
  • لا استقلالية للمجاهدين، ولا اختيار لهم في الحرب أو إيقافها.
  • أنّ المجاهدين من الأجانب يقاتلون باسم الأفغان!
  • أنّ الحرب ضدّ الأمريكان، حرب الغير واختيارها بأيدي الأجندات الأجنبية!
  • أنّ المجاهدين وحشيون ولا يمكن التعامل معهم، فهم منتقمون، لا يعترفون بالأفغان أصلاً، ولا يعرفون العفو أو الأخوّة! و……

وطابور من هذه الأسئلة والشكوك حول المجاهدين التي شيّعوها ولكن بحمد الله وفضله مع حكم زعيم الإمارة الإسلامية الأخير أجيبت عن جميع هذه الأسئلة، وذهبت جميع مساعي العدوّ طوال 17 سنة أدراج الرّياح، واتضح للجميع أنّ الإمارة الإسلامية لها خياراتها واستقلاليتها لا يشوبها شيء، وأنها تقاتل لإرادتها، واتضح للجميع أنّ المجاهدين يحظون بصفٍ واحدٍ ويطيعون أميراً واحداً.

كما اتضح للجميع بأنّ المجاهدين هم من أبناء هذا الوطن الأصليين وليسوا من أية بلاد أجنبية، واعترف العدوّ بذلك مراراً، وتبيّن للمواطنين هذا الأمر.

كما عرف الجميع من خلال وقف إطلاق النّار لا يريدون قتل الأفغان وبإمكانهم أن يجلسوا مع المجاهدين على مكتب التفاوض، إلا أنّ المحتلين الأجانب والأمريكان هم الذين جعلوا الأفغان دروعاً لهم واحتلّوا بلاد الأفغان، وهم الذين يصبّون الزيت على النّار في بلادنا الحبيبة.

وتيقّن الأفغان بأنهم يستطيعون الآن أن يجلسوا معاً، ويتفاوضوا معاً شريطة أن تخرج أمريكا من بلادهم.

وكذلك رأى المواطنون المجاهدين عن كثب بأنّ جميع أعضاء المجاهدين هم من أبناء هذا الوطن الأصليين، وهم ملتزمون على مصالح البلاد.

فبناءً على ذلك اعتمد المواطنون والشعب أكثر من قبل على المجاهدين، ووجدوهم أبرّ وأرحم، وثمة حِكَمٌ آخرى كامنة وراء وقف إطلاق النار ستتضح بمرور الأيام إن شاء الله.