نظرة إلى حياة القائد الشهيد الملا محمد رحيم (خليل) رحمه الله

ولد البطل الهمام القائد محمد رحيم خليل، ابن الملاّ نور محمد، قبل 35 عاماً في مديرية اشكمش بولاية كندز، والعائلة التي ينتمي إليها القائد تنحدر أصولها من مديرية قره باغ بولاية غزني.

كانت سيرة القائد الملاّ محمد رحيم خليل كغيره من المجاهدين، حافلة بالفداء والتضحيات، والإباء والبطولات. ونقدم لكم فيما يلي نبذة عن سيرته العطرة المباركة، سائلين المولى عز وجل أن لا يحرمنا من الانخراط في زمرة الشهداء.

نشأته وتعليمه:

كما هو معلوم أن معظم سكان أفغانستان يعيشون حياة الفقر والمسكنة بسبب الحروب المتوالية التي استمرت عقوداً من الزمن، ولكن مع ذلك تراهم متمسكين بتعاليم دينهم، مؤثرين الدين على حطام الدنيا الدنية، ومما يدل على ذلك، حرصهم على إرسال أبناءهم إلى العلماء والمدارس ليتعلموا كتاب الله وفرائض دينهم.

وهكذا كان حال الأسرة التي ترعرع في أحضانها القائد خليل رحمه الله، فتربع منذ صغره وطفولته لتلقي العلوم الشرعية.

مع أنه جاءت عليه العواصف لكن لم تثنه عن طريقه، فاستمر في طلب العلم على الرغم مما يواجهه من المشاكل، ولما اشتدّ عوده، وقوي صلبه، لم يكتفِ بالجلوس في مجالس العلم، بل اعتاد الذهاب إلى جبهات القتال، ولم يكن القائد خليل هو الوحيد من عائلته في السير على هذا الدرب المبارك، بل رافقه أخوه الصغير الشهيد القائد عبدالعزيز رحمه الله، فكما شاركه في تعلم القرآن، شارك معه في خوض المعارك وتسطير الملاحم.

وأخوه عبد العزيز رحمه الله كان قائد مجموعة جهادية، وقد كانت آثار الشجاعة والبسالة والبطولة والفداء ظاهرة عليه، وقد استشهد قبل استشهاده بخمس سنوات، بعد مقارعة مع أعداء الله الصليبيين وأعوانهم لعدة سنوات.

إن القائد خليل رحمه الله كان لا يضيع أوقات راحته، بل عند عودته من الغزوات ورجوعه من جبهات القتال كان يتتلمذ على العلماء والمشايخ، كالشيخ عبد الرؤوف، والشيخ الشهيد عبدالوهاب، والشيخ حبيب وغيرهم، وقد أخذ في تلك الفترة نبذة كبيرة من العلوم الشرعية وخاصةً علم التجويد والقراءة.

وكما يجب على كل مجاهد، بل على كل مسلم، الإعداد وتعلم الرمي لمواجهة أعداء الله، تلقّى القائد التدريب الجهادي، وتعلّم العلوم العسكرية في ظروف صعبة.

بداية مشواره الجهادي:

مع أن القائد خليل رحمه الله كان صغير السن عند تأسيس حركة طالبان الإسلامية، إلا أن مشواره الجهادي بدأ من صفوف الحركة، ضد عصابات الشر والفساد، وإن القادة كانوا يصرّون عليه في كل مرة أن يرجع إلى البيت لصغر سنه، إلا أنه لحبه للجهاد في سبيل الله أبى إلا أن يكون جندياً من جنود الإمارة الإسلامية، فذهب إلى الجبهات المختلفة وساهم في القتال.

الجهاد ضد الإحتلال الصليبي:

لما اعتدت القوات الصليبية بقيادة أمريكا قبل ثلاثة عشر عاماً على بلادنا الطاهرة، لم يقعد القائد خليل في البيت، ولم يتثاقل إلى الأرض، وقد حاول عدة مرات في بداية الإحتلال أن يفجّر عربات الصليبيين وأذنابهم، ولكن بسبب انتهاء مدة صلاحية الألغام المتفجرة لم يتحقق له ذلك.

ولمّا فشل في أعماله الفردية الجهادية، أخذ في تنسيق صفوف المجاهدين في المنطقة، وذلك عن طريق تحريض أصدقائه وأقاربه على الجهاد في سبيل الله، فجمعهم في جبهة قوية، وصفٍّ مرصوص، وانضم إليهم العشرات من الشباب يحملون أرواحهم على أكفهم، يذودون عن عرض المسلمين وأرضهم.

أعماله وبطولاته:

إن من يعرف طبيعة المناخ الجهادي في أفغانستان، يعلم أن المجاهدين كانوا يركزون في بداية الجهاد ضد الإحتلال الصليبي في عملهم الجهادي على العبوات الناسفة، وتطبيقاً لهذه الإستراتيجية، فجّر القائد خليل رحمه الله العشرات من آليات الصليبيين وعملائهم على طريق قندهار- كابول، مما أدى إلى مقتل المئات من العلوج الصليبيين وأذنابهم.

ولقد منّ الله على الإمارة الإسلامية بانتصارات وفتوحات تمّت على يديه في ولاية غزني، وطهّر معظم أرض مديرية قره باغ من رجس الميليشيات وعملاء أمريكا.

ويقول أصدقاء الشهيد خليل بأنه كان يشرف على عملية زرع العبوات بنفسه، لئلا يتضرر الإخوة المجاهدون أو يلحق بهم أذى.

لقد كانت للقائد الشهيد خبرة في المتفجرات، وكان يُعدّ من الأساتذة في هذا المجال على مستوى ولاية غزني، وقد درّب مئات المجاهدين وأعطاهم دورات في المتفجرات. ونظراً لخبراته في هذا المجال، استضافته مجلة (مورجل) وأجرت معه حواراً حول المواد المتفجرة، وفي الآونة الأخيرة، أصدرت مؤسسة الإمارة للإنتاج الإعلامي إصداراً بعنوان (ميدان الملاحم) وأكثر لقطات التفجيرات في هذا الإصدار كان قد قام بها القائد خليل بنفسه.

وإلى جانب مباشرته للقتال، كانت له جهوداً بارزة في دعوة عملاء الصليبيين إلى الانشقاق عن صفوفهم والإنضمام إلى صف المجاهدين.

خصاله وخلقه:

يصفه أصدقاؤه ورفقاء دربه بأنه كان حييّاً، تقياً، ذكياً، خادماً لإخوانه المجاهدين، وكان يعامل الناس بميزان (أشداء على الكفار رحماء بينهم) حيث كان يعامل عوام المسلمين بالرفق واللّين، وقد أكرمه الله بحنكة، ودهاء، وفراسة، وحكمة، وحسن تدبير.

كما كان يوصي المجاهدين بأن يحسنوا معاملة الشعب والشيوخ والعلماء ووجهاء العشائر، ويمنعهم من التحزب والغيبة والنميمة، والأعمال الأخرى التي تسبب الفرقة بين صفوف المجاهدين.

وقد أكرمه الله سبحانه وتعالى وأودع فيه معاني البطولة والفداء والبسالة والشجاعة، وقد أصيب عدة مرات في سبيل الله، آخرها قبل أربعة أشهر من استشهاده في قصف طائرة أمريكية بلا طيار، وقد استشهد عدد من إخوته المجاهدين وأُصيب هو بجراح خطيرة، وكان يذكرهم ويتمنى أنه ارتقى معهم شهيداً.

استشهاده:

كما أسلفنا، فإن القائد خليل رحمه الله كانت له خبرة طويلة في مجال المواد المتفجرة، ولكن قدر الله وما شاء فعل، فبينما كان يزرع عبوة لتوجيهها نحو أعداء الله، انفجرت عليه، وذلك في 24 أكتوبر عام 2014 الميلادي، فارتقى شهيداً في سبيل الله نحسبه كذلك والله حسيبه.

ونسأل المولى جلّ في علاه أن يتقبل أخانا في الشهداء، ويرزقه الفردوس الأعلى من الجنة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.