وصايا كوصايا الصديق رضي الله عنه

سيف الله الهروي

صدرتْ رسالة تهنئة أمير المؤمنين شيخ القرآن والحديث هبة الله آخوند زاده بمناسبة عيد الفطر لهذا العام في ٢٧ رمضان المبارك، والرسالة قيّمة وشاملة تنبئ عن مواقف واتجاهات الإمارة الإسلامية في الصّعيدين الداخلي والخارجيّ.

تنوّعتْ محتوياتُ رسالة هذا العام من التركيز  على التزام المحاكم في الإمارة الإسلامية بتطبيق الشريعة وإقامة الحدود وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، إلى قضية الأمن الحاصل للشعب الأفغاني بعد عقود، وضرورة اهتمام أركان الإمارة الإسلامية بمشكلات الاقتصاد، والتربية والتعليم ومكافحة المخدّرات، وضرورة التعامل مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية في إطار الشريعة والمصالح الدينية والاقتصادية للشعب الأفغاني المسلم، كما تطرقت إلى قضية القدس التي هي قضية كل مسلم وحر في العالم المعاصر الذي يسيطر عليه الصهاينة أيضًا، والتي دخلت أخيرًا مرحلة حرجة.

تمتاز رسالة أمير المؤمنين بنقطة مهمّة؛ وهي أنّ شطرًا كبيرًا منها كان عبارة عن وصايا وتعليمات وتحذيرات موجّهة إلى أركان الإمارة الإسلامية وأعضائها ومسؤوليها، وهي في ذلك تشبه وصايا الخليفة الراشد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- لمّا وجه الأمراء الصحابة لقتال الروم والساسانية حيث كان يوجّه إليهم وصايا وتعاليم يلتزمونها في حياتهم الفردية والاجتماعية، فيأمرهم وينهاهم ويعظهم ويزجرهم.

ها هي اليوم -بعد أربعة عشر قرنًا- تشهد الأمّة الإسلامية من جديد زعيمًا يسلك مسلك الصديق الراشد في توجيه الوصايا لأمرائه ووزرائه وقادته، ولا يسلّطهم على رقاب الشعب تسليط الملوك والجبابرة أعوانَهم وأنصارهم وأتباعهم وأراذلهم على الشعوب قديمًا وحديثًا.

زعيمٌ يوصي أركان إمارته بمراعاة حقوق الشعب الأفغاني واجتناب التقصير والإهمال، ويوصيهم بأن يكونوا إخوة رحماء بينهم ويجتنبوا الغطرسة والخلافات، ويوصيهم بالتزكية وإصلاح النفس؛ فخطيئة كل فرد ومسؤول تترك أثرًا سيّئًا على النظام بأسره، ويوصيهم باجتناب الظلم، فإن دعوة مظلوم واحد سَتَهُزّ أركان نظام برمّته؛ لأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، ويوصيهم بالوحدة والاعتصام ونبذ الفرقة والاختلاف؛ لأن ذلك حلم لأعداء الأمة المسلمة ومخططهم منذ قرون؛ ويوصيهم باحترام الشعب الأفغاني الذي اضطهد كثيرًا وذاق الظلم والويلات وقدم الكثير من التضحيات ولم يتحقق  الانتصار على الإمريكان إلا نتيجة تضحيات هذا الشعب، ويوصيهم باجتناب اعتقال أي مواطن قبل التأكد والاستجواب حتى لا يلحق به ضرر بغير حق، ويوصيهم باجتناب النعرات الطائفية والإثنية والحزبية والمناطقية التي طالما أفسدت على الأمة المسلمة كيانها ووحدتها في القرون الأخيرة، ويوصيهم باللين والرفق بالناس واجتناب الشدة التي تنفّرهم، وأن لا ينسوا واجباتهم الدينية الفردية التي كانوا يقومون بها أثناء الجهاد ضد الولايات المتحدة وحلفائها؛ وأوصاهم أن يحافظوا على صلتهم  بالقرآن الكريم.

وأخيرًا أوصاهم جميعًا بأن يتعظوا بمصير الشخصيات من ذوي السمعة السيئة في النظام السابق، ويتجنبوا جميع تلك التصرفات والسلوكيات التي تجلب لهم الشبهة والعار، وليجتهدوا في أن يتخلقوا بأخلاق السلف الصالح.

إنها وصايا ذهبية ومهمة للغاية، لبقاء أي نظام متين وحُكم رشيد ودوامه لمئات السنين، فلا شيء أخطر على هذه الأمة من الأموال التي تُبسط والمناصب التي توزّع، وإلى ذلك أشار نبيّنا عليه الصلاة والسلام حيث قال: “فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم”. صلى الله على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وحفظ الله الإمارة الإسلامية وأميرها وجنودها ومسؤوليها جميعا وأيّدهم ونصرهم. آمين.