وقفات مع عمود: كلمة اليوم «الوقفة 7»

سعد الله البلوشي

 

أظنّ أنّ القراء تعوّدوا على قراءة “وقفات مع عمود كلمة اليوم”، وما عادوا يحتاجون إلى مقدّمة عريضة كي نوضح لهم فيها ما يقرؤونه في هذا العمود الذي نستعرض فيه مغزى ما أتى في “كلمة اليوم” بمختلف أيامها وعناوينها حسب ضرورتها.

فنبدأ بموضوع أكثر ما نحتاج بالإلمام إليه وهو: “الجنود الكوماندوز على خطى المحتلّين”، أتى فيه: إنّ المحتلّين ربّوا الكوماندوز العملاء على نمط يوافق وأهواءهم، فلا يعبأون بالمقدسات، والقيم والمُثُل، والمصالح الوطنية، وأعراض الأهالي، وقد أنفق المحتلون مبالغ باهظة في تربيتهم، ومن هنا نرى الجنود الكوماندوز أو جنود اسبيشل فورس مخلصون للمحتلين ومتطلباتهم، وفاقوا أسيادهم في تعذيب الأفغان وأسرهم وقتلهم.

ويقترف الكوماندوز يومياً جرائم تشيب لهولها الولدان ضدّ المواطنين الأبرياء، ونذكر على سبيل المثال ولا الحصر نموذجين من تلك الجرائم: قبل أيامٍ داهم المحتلّون والكوماندوز العملاء على مناطق من لالك وزرك بمديرية خاكريز، ورموا النيران على الأطفال فقُتل جراء ذلك 3 أطفال، و4 شيوخ و12 من الشباب، وقتلوهم شرّ قتلة.

كما قام الكوماندوز بتفجير بيتين، وتحريق 3 صهاريج، وسيارتين و 12 درّاجات نارية، وضربوا النساء والشيوخ، وفي نهاية المطاف اعتقلوا 9 من المواطنين الأبرياء.

وملخّص القول: ( أنّ المحتلون قد جرّبوا مشاريع واستراتيجيات مدمّرة لاستئصال شأفة الأفغان، إلا أنهم خابوا وخسروا وجرّوا أذيال الهزيمة كل مرّة، وهم الآن لو أرادوا الإضافة في عدد جنودهم لتعذيب الأفغان، ولكي يساعدوا المليشيا بالأموال والعتاد، فسيتكبّدون هزيمة نكراء مرةً أخرى إن شاء الله وستذهب جميع مشاريعهم ومخططاتهم أدراج الرّياح).

وحريٌّ أن نكشف اللثام عن جريمة أخرى لأذناب الأمريكان، الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر، ويحيكون عليهم أنكى وأمرّ ما يفعله المجرمون المحتلون بأنفسهم، وهذه القضية هي قضية الأسرى المنكوبين المضطهدين الذين مقبوعون خلف قضبان الألم بلا جرم أو ذنب، فموضوع: ” سجن باغرام وجرائم الإدارة العميلة” يفصح عن هذه القضية المأساوية، فيسرد: وقد شاعت في السنوات الأخيرة شائعة مفادها بأنّ زمام إدارة سجن باغرام بأيدي الإدارة العميلة ولا يتصرّف فيه الأمريكان بتاتاً وأنّ معظم السجناء أُطلق سراحُهم، ولكنّ الإدارة العميلة ثنائية الرأس قد ملئتها مرة أخرى من المعتقلين والسجناء، وبجانب أسيادهم الأجانب اضطلعوا عباء مسئوليتها.

وقد أرسل برلمان كابل وفداً لمراقبة سجن باغرام، وقال رئيس الوفد في تقريره: يقبع خلف أسوار باغرام زهاء 6500 من المعتقلين دون أن يُعرف مصيرهم، ويعاملهم مسؤولوا السجن معاملة وحشية.

وقد صرّح “الله جل” رئيس الوفد: وهذا نقض صارخ لحقوق الإنسان، ومنذ أن تولّت حكومة أفغانستان مسئولية سجن باغرام، حُرم السجناء عن زيارة أقربائهم، ولا يعالجون على النمط الحسن، وتوفي حتى الآن 3 من السجناء لعدم وجود الدواء الكافي للعلاج، فالغرفات التي بُنيت لإسكان 4 نفر، يعيش فيها 30 نفر، وحٌرم الأسرى من التشميس منذ أول يوم اعتقالهم إلى الآن.

والوفد الذي زار سجن بلتشرخي في نوفمبر العام الماضي اعترف آنذاك أيضاً: أكمل مالايقل عن 800 من الأسرى مدّة سجنهم، و440 من الأسرى حُكم عليهم بالإعدام، و144 آخرين يعانون من الأمراض المزمنة.

وأضاف الوفد الزائر: اشتكت أسَر هؤلاء المعتقلين عن قسوة العملاء في هذا المجال حيث قالوا بأننا اجتهدنا كثيراً حتى نقنع العملاء لكي نداوي مرضانا أو يقوموا هم بأنفسهم بعلاجهم على وجه حسن إلا أنّ العملاء رفضوا ذلك فلم يسمحوا لنا أن نداويهم ولا هم قاموا بأنفسهم بذلك.

وكذلك هناك طابور كبير من الأسرى الذين يقضون أيامهم ولياليهم خلف قضبان الألم ومصيرهم مغمور، والمماطلة في البث في ملفاتهم، وكذلك يعانون من أبجديات العيش الهانئ في السجن، ولا تنفذ فيهم ثلث تلك القوانين التي فرضتها الحكومة العميلة على نفسها تجاه الأسرى والمعتقلين.

ومصير عدد كبير من الأسرى مجهول في سجون بلتشرخي وباغرام وبقية السجون في مختلف ولايات أفغانستان، فلا ينظرون إلى ملفاتهم ولا عيشهم هنيء، ولا تراعي الإدارة العميلة تلك الحقوق التي وقعت بإيفائها.

وأما بصدد جرائم المحتلّين موضوع آخر بعنوان: ” صمت العملاء على جرائم المحتلين

وقد قصف المحتلّون يوم الجمعة حفلاً للعرس في منطقة جل دره بمديرية سوكي بولاية كونر، واستشهد جراء ذلك 20 من المدنيين وانهدم بيتان أيضاً بالكامل.

وقد قصف المحتلون مرّاتٍ عديدة حفلات المواطنين في شتى بقاع البلاد، وقُتل وجرح كل مرة عشرات من المدنين الأبرياء، وهكذا بدّلوا أفراحهم إلى أتراح.

وازدادت جرائم المحتلين والعملاء بعد إعلان ترامب عن استراتيجيته الجديدة، وازدادت المداهمات والقصف، ويُعذّب الأفغان بشتى الطرق، وافتخر العدوّ أخيراً بأنه ألقى في شهر سبتمبر فحسب مالايقل عن 751 قنبلة على القرى والأرياف.

ولكن العدوّ لم يقدر مع هذا القصف الوحشي أن يتقدّم شبراً أو يسترجع المناطق التي فقده أو يقمع المجاهدين بل وعلى عكس ذلك استطاع المجاهدون الأبطال بنصر الله سبحانه وتعالى وتأييد الشعب أن يسيطروا على كثير من المناطق في فارياب، وهلمند، وكونر، وبروان، وسربل، وباميان و…، وغنموا غنائم كثيرة، ويتحفوا الناس عيشاً هنيئاً مريئاً تحت رأية الإسلام.

وفي معظم هجمات العدوّ يتضرر المواطنون أكثر من أي آخر، وإنّ كارثة سوكي وانهدام إمام مسجد في ولاية لوجر خير شاهد على ما نقول، وإدارة كابول العميلة التي تتبجح بأنها الحكومة المنتخبة بدل أن تستنكر هذه الجرائم التي يقترفها المحتلون لم تصمت فحسب بل تدافع في كل حفل وجلسة من المحتلين،  وأعجب من هذا وذاك أنّ الإدارة العميلة تقدّم تعزيتها قبل الجميع إذا حدثتْ حادثة مسلّحة كانت أو طبيعية في أوروبا وتعرّب عن حزنها العميق.

فالمحتلّون والإدارة العميلة يتسابقون فيما بينهم لمكافحة الإسلام، ويسعون صباح مساء كي يقتلوا الأفغان أكثر فأكثر، ويهدّموا بيوتهم، وسيثأر المجاهدون إن شاء الله ثأر الشعب المضطهد، ويوسّعون دائرة عملياتهم وهجماتهم البطولية ضدّ الأعداء الداخليين والأجانب.

وثمة موضوع آخر لا يقلّ تناسباً بهذه الموضوعات المأساوية، والقضايا المفلقة للأكباد، هو قلق المواطنين من مختلف القضايا، فتارة يعانون من مشكلة وقبل أن تحلّ هذه المشكلة، وتبادر الحكومة العميلة على حلّها في الصباح الغد التالي يرون بأنهم يواجهون بمشكلة جديدة كشّرت عن أنيابها لهم. ووضح هذا الأمر في موضوع: “قلق المواطنين إزاء انعدام الأمن في كابول” فجاء فيه: تعب المواطنون في كابول عن الجرائم المتكررة في العاصمة الأفغانية، ويعيش في العاصمة زهاء 6 ملايين نسمة، وثمة تدابير أمنية شديدة على بوابات كابول ومع ذلك يشاهدون عشرات الجرائم الصغيرة والكبيرة وأخيراً حطمت كابول رقماً قياسياً في الجرائم.

ففي 30 من أغسطس، قتل ما لايقل عن 4 نفر في إحدى مطاعم كابول، وبعد يوم عن تلك الكارثة الدموية اشتبكت فئتان في منطقة 16 في كابول، وأثناء تبادل النيران قتل مالا يقل عن 3 نفر وأصيب 4 آخرون، وكذلك أصيب مواطنان جراء تبادل النيران بين الشرطة ومهرّبي المخدرات في منطقة عاشقان وعارفان بكابول.

وشكى الناس عن معاملة الشرطة السيئة بهم، وقال شاهد: ( إن الشرطة إذا نزلت إلى مكانٍ ما تأتي بالضجيج والضوضاء، وبالرمية العشوائية الكثيفة، وتكبّد المواطنين خسائر فادحة).

وقبل أيام قتلت سيدة أفغانية مع حارسها الأفغاني في منطقة دار الأمان شرقي مدينة كابول من قبل المسلحين المجهولين، واختطفت سيدة فنلندية.

وشكى بعض المواطنين إلى مراسل قناة خاصة فقال أحدهم واسمه ذبيح: أنا سائق شركة خاصة، فكنت جالساً في السيارة في محطة السيارات، فرأيت شخصاً يهرب ويطلق النار، فخفضت رأسي وهو لم يزل يرمي، ففررت.

وقال شخص آخر واسمه رومل: لو نظرت إلى أي مكانٍ، فسترى بأنّ الصغار والكبار يملكون السلاح، فتعيش بين القلق والهلع في كل لحظة خوفاً من أن تقع حادثة.

ويقول نقيب الله الهاشمي، وهو عضو مجلس الشورى بكابول: انعدام المديرية الجادة في الجهاز الأمني السبب الرئيسي لهذه الجرائم، وهذا الوضع يثير القلق للشعب.

ويقول مواطنو كابول: إنّ المواطنين يخافون من السيارات التي نوافذها من الزجاج المدخّن، وخوفاً منها لايستطيعون أن يعملوا أشغالهم اليومية على الوجه الحسن، ووفق ما يقول المواطنون فإنّ كابول تبدلت الآن إلى مدينة الأشباح والخوف والرعب، ولو ركبت سيارة إلى مكانٍ ما فقلبك ليس بمأمن عن وقوع أية حادثة ما، ومواطنو كابول يشكون من جنود الحكومة العميلة بأنهم وراء معظم الجرائم الجنائية.

وتفيد التقارير الموثوقة بها على أن 20 إلى 30 جريمة تقع يومياً في مدينة كابول، وتقول وسائل الإعلام: حدثت طيلة العام الماضي زهاء 1170 جريمة، ولكن في غضون 3 شهور الأولى من العام الحالي وقعت 1376 جريمة، ومعظم الجناة كانوا بزي العسكري.

وننتقل هنا إلى موضوع آخر، موضوع تطرّقت الإمارة الإسلامية إليه بعد اتخاذ ترامب أخطأ استراتيجية وأفشلها، دون أن يترقب إلى عواقب الأمور، ودون أن يتريّث إلى أقوال المفكرين من قومه، فصرّحت الإمارة الإسلامية بموضوع صريح: ” وقد ضيعت أمريكا الفرصة مرة أخرى“.  وحكومة ترامب ثالثة حكومة تتغير في عمر الاحتلال منذ أن احتلّوا أفغانستان، فكانت القوات الأمريكية قبل الهجوم على أفغانستان تظنّ بأنهم سينتصرون في أفغانستان، وينالون أهداهفهم الاستعمارية خلال أيام معدودة أو شهور قليلة، ولكن لم ينجحوا ولم يتحقق حلمهم الوردي.

فصارت أفغانستان مقبرة لهم، والآن جاءت حكومة جديدة في أمريكا تطنطن منذ اليوم الأول لتصديها الرئاسة بأنها وراء استراتيجية جديدة حيال أفغانستان، وكان من المحتمل أن الأمريكان تعبوا من حرب أفغانستان الطويلة، ولكن مع اتخاذ ترامب استراتيجيته الجديدة اتضح بأنهم لم يتخذوا موقفاً ذكياً صائباً وأصروا مرة أخرى على استنساخ سياستهم الفاشلة الخاسرة القديمة.

وكانت هذه فرصة مواتية ذهبية للأمريكان كي تنقذهم من المستنقع الأفغاني وتفويضهم أفغانستان إلى الشعب الأفغاني أنفسهم وكان هذا لمصلحة كلا الجانبين، ولكنهم وقعوا في فخ أنانينتهم وأوضحوا للعالم مدى سفاحهم واستبدادهم وفي الحقيقة هم ضيّعوا الفرصة).

كما أن موضوع: ” لا يؤمن الأمريكان إلا بالحرب” تطرّق إلى موضوع طريف مهم، نقرأ فيه:

وقبل أن يعلن دونالد ترامب عن  استراتيجته الجديدة واستمرار الحرب في أفغانستان، أرسلت الإمارة الإسلامية رسالة مفتوحة مفصلة إلى الأمريكان وزعمائهم، ونشرتها للعالم وللشعب الأمريكي بوسائل الإعلام، ووضحت الإمارة الإسلامية في هذه الرسالة بوضوحٍ كامل موقفها تجاه أوضاع أفغانستان الحقيقية.

وقد جاء في هذا البيان: ( إن مسئولي زمانكم قرروا غزو أفغانستان دون النظر إلى عواقب الأمور، واحتلوا أفغانستان بتقديم تهم لم تكن لها أية علاقة بالأفغانيين، وإن قيام الشعب ضد قواتكم إنما كان مقاومة مشروعة في الدفاع عن الشعب والعقيدة؛ لذلك لم يعجزوا عن سحق جنود مدججة لقوات 48 دولة تحت زعامتكم. إن الأفغان ليست لديهم نية إلحاق الضرر بأيٍ من شعوب العالم بمن فيهم أمريكا، لكن من يعتدي على حماهم فإنهم يتقنون جيداً فن سحق المحتلين ودحرهم).

وقد أزمعت الإمارة الإسلامية بأن تنتهي مأساة أفغانستان بدون الحرب والقتال والدمار بالحلول التي قدّمتها، ومن هذا المنطلق استقبل المواطنون والعالم من رسالة الإمارة الإسلامية، واستيقنوا بأنّ الأمريكان المحتلين هم الذين يريدون مداومة الحرب واستمرارها في أفغانستان.

إلا أنّ زعماء الأمريكا العنجهيين لم يبادروا بتجويب الإمارة الإسلامية فحسب؛ بل عزموا على عكس ذلك باستمرار الحرب في أفغانستان، وأغلقوا جميع أبواب السلام والمفاوضة بصلف وحماقة، فبات معلوماً للجميع بأن الأمريكان لا يؤمنون إلا بالحرب ودوام القتال.

وعندما أُعلن موقف ترامب الوحشي استقبل العملاء عنه بحفاوة بالغة، وأعلنت الإمارة الإسلامية بكل صراحة عن موقفها الحاسم: ( وسنستمر في الجهاد بعزم وحزم قوي متين ومعنويات رفيعة ضد الأمريكيين المحتلين ومتحالفيهم  مادام القادة الأمريكيون يتعقبون السياسة القتالية وحتى إخراج آخر جندي أمريكي من وطننا، وإذا لم تخرج أمريكا قواتها من أرضنا فليس ببعيد بأن تتحول أفغانستان في القرن الحادي والعشرين إلى مقبرة للإمبراطورية الأمريكية؛ الحقيقة التي يمكن للقادة الأمريكيين دركها). وما ذلك على الله ببعيد

 

فمن الطبيعي أن المجاهدين يستشاطون غيظاً عندما يرون بأنّ أعداءهم المحتلّين لا يرقبون في المؤمنين المستضعفين إلاً ولا ذمّة، ويقتلون أطفالهم ونساءهم قبل أن يقتلوا الرجال والمجاهدين المسلحين، وهنا يرى المجاهدون بأن يركّزوا أكثر من هذا ويضحّوا بالغالي والنفيس كي يستهدفوا المحتلّين في أسرع وقت ممكن أنى يمكن لهم ذلك، فطبيعي بأن يكثر عدد القتلى في صفوف المحتلّين إلا أنّهم يخفون خسائرهم وسبب هذا ورد وضح أكثر في موضوع:

سعي الاحتلال لإخفاء هزيمتهم التاريخية

لاتجد أمريكا مبرّراً لإخفاء هزيمتهم التاريخية في أفغانستان إلا أن يتفوّهوا ويصرخوا عن تدّخلات البلاد المجاورة فيها، ومن هنا نرى بأنّ ترمب لم يجد في جعبته في الاستراتيجية الجديدة سوى التصلّف والتشدّق والدجل، فأشرك باكستان بأنها متدّخلة في شؤون أفغانستان وينسب جهاد الأفغان الساطع ومقاومتهم التاريخية إلى الآخرين.

فالحقيقة هي أنّ الحلف الذي شكّلته أمريكا لاحتلال أفغانستان كانت باكستان عضواً من أعضائها، ولكنّ الأفغان الأبطال استطاعوا بنصر الله وتأييده وبقيادة الإمارة الإسلامية أن يصمدوا أمام هجمات أمريكا الضارية، ويسيطروا على نصف بقاع الأرض الأفغانية.

واستخدمت أمريكا واختبرت جيوش عشرات الدول بمالا يقل عن 150 ألف من الجنود المدججين بأفتك أنواع الأسلحة أمام الشعب الأفغاني البسيط، وأنفقت أكثر من تريليون دولار، واستعمل كل من جورج بوش وأوباما وترمب استراتيجياتهم الفتاكة في أفغانستان واحداً تلو الآخر، ولكن الأمريكان لم يحصدوا مع بربريتهم ووحشيتهم إلا الخسائر الفادحة في الأرواح والأموال وهزموا في بلاد الأسود الأشاوس، والآن هم بصدد ذريعة تغطي هزيمتهم، تلك الذريعة التي كان العلمانيون والسوفييت تشبّثوا بها.

ولا بدّ من الإيضاح حول تواجد زعماء مجاهدي الإمارة الإسلامية في باكستان هو أن مآت الآلاف من المهاجرين الأفغان يعيشون في باكستان منذ 4 عقود، ومن الممكن أن يكون بينهم مجاهدين من الطالبان، ولكن هذا ليس بمعنى أن تكون لمجاهدي الإمارة الإسلامية مكاتب سياسية أو مراكز عسكرية يتدربون فيها مثلما كان في عهد السوفييت.

وقد سيطر الطالبان على نصف أفغانستان ويقاتلون الطاغوت الأكبر أمريكا، ولهم تنسيقات وترتيبات خاصة، ولهم الأمراء والمسؤولين على جميع المديريات والولايات، والقادة مكلفة بأن يكونوا مع الجنود ويساهموا معهم كتفاً على كتف في العمليات والغزوات  الجهادية، ويسعوا في قضاء مشكلات المواطنين وحوائجهم، ونحن نطمئن الأمريكان وأذنابهم بأنّ مثل هذه الشائعات والأساطير لاتزلزل صرح الجهاد أو تقلعه، كما لا تخفى هزيمتكم على المواطنين.

فحريٌ بأن تعترفوا صراحة بأنكم انهزمتم في أفغانستان، وأنّ آليتكم الحربية فاشلة وفقدت فاعليتها في أن تقاتل المجاهدين. وعليكم بأن تعرفوا هذه الحقيقة بأنّ مجاهدي الإمارة الإسلامية واعية جميع مؤامراتكم الحاقدة وحِيَلكم الحربية والشيطانية، وإن كنتم تظنّون حتى الآن بأنّكم تقدرون أن تحطّموا معنويات المجاهدين بهذه المؤامرات الواهية والدعايات الشيطانية وتسيطرون على الساحات التي تحت سيطرة المجاهدين فإنكم واهمون وتتسكعون في ضلال مبين وحماقة كبرى).

وطبعاً ومن الضروري بأن يكثر عدد القتلى في صفوف الجنود العملاء بعد مغادرة معظم الدول المحتلّة جنودها أفغانستان، فموضوع : “صورٌ من هزائم العدوّ في مختلف أصقاع البلاد” تطرّق إلى هذا الأمر، فجاء فيه: وفي الأسابيع الماضية سيطر المجاهدون الأبطال على المنطقة الاستراتيجية ” قندستان” بمديرية سياه جرد بولاية بروان، وكبّدوا الأعداء خسائر كبيرة للغاية وغنموا عنائم كثيرة، وقامت القوات المحتلة والعميلة بشنّ غارات عدّة على خنادق المجاهدين إلا أنّها باءت بالفشل، ونكصوا على أعقابهم كلما أرادوا أن يتقدموا نحو ثكنات المجاهدين.

وتكبّد الأعداء أيضاً خسائر كبيرة في مديرية جوره بولاية أروزجان، فاستطاع المجاهدون أن يفتحوا 10 ثكنة وقاعدة عسكرية كبيرة، وأمّا مركز المديرية ومبنى القيادة الأمنية تحت وابل نيران المجاهدين وهي في الحصار الشديد، وقتل جراء ذلك العشرات من جنود العدوّ، وغنم المجاهدون ما لابأس به من عتادهم وذخائرهم.

نفّذ العدوّ عملية على منطقة غرك بمديرية أحمد آباد بولاية بكتيا، ولكن واجهوا عملية قاصمة لظهورهم من قبل المجاهدين، فقتل وجرح 10 من الجنود الكوماندوز ولاذ البقية بالفرار.

وقبل أيام هاجم العدوّ المحتل بمرافقة أذنابهم العملاء على منطقة بارتشاو في ضواحي مديرية جريشك بولاية هلمند فسدّ المجاهدون طريقهم وخرّبوا دبابتين للعدوّ، وقتلوا أكثر من 10 من الجنود العملاء، وعندما واجه العدوّ المقاومة العنيفة من قبل المجاهدين هربوا من المنطقة، ولكنهم أثناء ذلك هدموا بيوت المواطنين.

واستقبل العدوّ العميل عن الاستراتيجية الجديدة لأسيادهم الأجانب ألا وهي ازدياد القصف وزخ الصواريخ، ولكن مع ذلك قُمع العدوّ في معظم مناطق البلاد في الحروب والاشتباكات، وتكبّد خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وفقد كثيراً من الثكنات والقواعد والمديريات.

فالمجاهدون الأبطال صعدت قوتهم من جميع النواحي ويقاتلون بشراسة وبمعنويات عالية، ويستهدفون ثكنات العدوّ وقوافلهم بالعمليات الاستشهادية، وبالهجمات البطولية وكبّدوه خسائر باهظة للغاية، ولقد عاهد المجاهدون بأن يستمرّوا في قتالهم ضدّ الباطل إلى أن يرث الله الأرض ويستخلفهم على أرضه مرّة أخرى كي ينفّذوا عليها شرائع الله وحدوده ويقيموا دولة الإسلام ولا يخافون في سبيل ذلك لوم لائم إن شاء الله).

هؤلاء الجنود الذين يقاتلون من أجل حفنة من المال وبدل ذلك يسخطون الله ورسوله ويؤذون المومنين هم ليسوا بمأمنٍ من القتل وإذا ما ماتوا أو قتلوا فإنّ أعراضهم ليست بمأمن من التوغّل من قبل ضبّاطهم وقادتهم، وموضوع: “فالجندي الذي ليس بمأمونٍ عرضه أنى له أن يحرس البلاد؟” وقصف المحتلّون الجنود الأفغان مرّاتٍ عديدة بشكلٍ وحشي، فبعدما قصفوهم في لوجر وهلمند، وأروزجان و… قبل أيام قصفوهم في مديرية جريشك بولاية هلمند، فقتل وجرح جراء ذلك ما لايقل عن 28 من الشرطة والمليشيا.

فإدارة ثنائية الرأس بكابول العميلة قبل أن تدقق النّظر في هذه الكارثة المأساوية قامت ببراءة المحتلين بلا تلكؤ، وهذه الكارثة لم تقلق زعماء الإدارة العميلة بل وعلى عكس ذلك يطيب لهم أن يصمتوا تجاه هذه الجرائم المأساوية، وصمتت الإدارة العميلة تجاه هذه المجازر وإن اقترفها المحتلون عمداً، وتؤوّلها بأشكالٍ مختلفة، وربما اضطلعت بنفسها مسؤوليتها إن لم يبق سبيل.

ولكن لو حدثت حادثة في أمريكا تقوم إدارة كابول العميلة باستنكارها قبل الجميع، وتسكب الدموع قبل المسؤولين الأمريكيين، ففي هذه الأيام حدثت حادثتان في آنٍ واحد، أولاها كانت في جريشك قُتل وأصيب فيها مالايقل عن 28 من الجنود، وحدثت حادثة أخرى في لاس فيغاس في أمريكا، فقدّم الرئيسان عبد الله وأشرف غني قبل الجميع مؤاساتهم بالضحايا، ولكنهما لم ينبسا ببنة شفة تجاه مجزرة جريشك.

ومن المؤسف جداً أنّ وزارة دفاع العميلة اضطلعت مسؤولية هذه الكارثة بكل وقاحة كي تقوم ببراءة أسيادها الأمريكان، وكأنّ هذه الجريمة اقترفت بطائرات العملاء والشعب يعرف جرائم الأمريكان والأجانب مهما اضطلع العملاء جرائمهم فإنّ قوّتهم واضحة للجميع، ويعرف المواطنون تماماً بأنّ الأمريكان لا يجعلون الطائرات بدون طيار والتكنولوجيا الحديث في اختيار عملائهم؛ لأنّ المحتلين لا يثقون بالجنود المرتزقة أصلاً، فهم يعرفون بأنّ الذين يبيعون وطنهم كيف لا يخونون بهم؟

فالجنود العملاء عديم القيمة لدى المسؤولين حتى وإن قُتلوا أفواجاً بنيران المحتلين ولا يعربون حتى عن أسفهم وحزنهم، ومن ناحية أخرى لو قُتل هؤلاء الجنود ولقوا حتفهم في سبيل الدفاع عن المحتلين فإنّ أعراضهم تُدنّس من قبل ضبّاطهم، كما قالت منظمة سيجار في تقرير لها: ( إنّ الضباط يطلبون من أرامل الجنود القتلى أن يجعلن أنفسهن في اختيارهم بدل المال)، وقد أيد قصر الرئاسي هذه الحقیقة المشينة.

إنه أمر مؤسف للغاية، بأن الجنود الأفغان الذين يضحّون بدمائهم ومهجهم وأشلائهم للمحتلين والعملاء، يُقتلون بأيدي المحتلين وأنكى وأمرّ من هذا وذاك أن أراملهم يغتصبن من قبل الضباط والمسؤولين، فإذا كان هؤلاء الجنود ليس بوسعهم أن يحافظوا ويحرسوا عن أعراضهم فأنى لهم أن يحافظوا من حقوق المواطنين وقيمهم؟).

وبين الحين والآخر يرفع الأمريكان من معنويات أذنابهم العملاء بإعطائهم بعض الطائرات المندرسة كي يفرحوا ويظنّوا بأنهم يستطيعون أن يهزموا بها المجاهدين الأبطال، وهذا الموضوع خير جواب على هذا الظنّ: ” وقد أسقط المجاهدون كثيراً من هذه المروحيات والطائرات“، فنقرأ فيه: تسلمت الحكومة العميلة يوم السبت الماضي رسمياً مروحيتين من طراز “بلاك هوك UH-60” الأمريكية خلال احتفال رسمي أقيم في مطار قندهار بحضور الرئيس العميل أشرف غني، فقال الرئيس العميل: “إذا كانت “طالبان” تظن أن بإمكانها إلحاق الهزيمة بالحكومة وقواتنا الأمنية والدفاعية فلتبعد هذه الأوهام من رؤوسهم.

وعلى هذا المنوال توعد الجنرال، جون نيكلسون، قائد القوات الأمريكية وقوات الدعم الحازم “التابع لحلف الناتو” حركة “طالبان” وداعميهم بأنهم سيمنون بالهزيمة.

إلا أن الإمارة الإسلامية قالت في بيان لها رداً على تشدقات أشرف غني: إنّ الإمارة الإسلامية لترى بأنّ حربها وقتالها مع القوات المحتلة والعميلة حرباً دينية و إيدلوجياً، ولاغرو بأنّ الأفغان استطاعوا بقوة إيمانهم أن يرغموا أنف كل متصلّف عنيد من أمريكا وعشرات البلاد المحتلة واستطاعوا أن يسيطروا على أكثر من 50% من أراضي الوطن، وهذه نتيجة المعنوية الرفيعة والعزم الإيماني القويم.

ولو كان أشرف غني جريئاً فليجب على هذا السؤال فحسب: أخبرنا عن أي تكنولوجيا للأمريكان لم يجرّبوها طوال عقد ونصف كي يجعلوا الأفغان تحت نير عبوديتهم وتركهم مطالباتهم الجهادية والحرية؟ ألم تقصف طائرات   B52 بأم القنابل، والقنابل الفسفورية والسامة شعبنا المظلوم؟

وهل استطاع الأمريكان أن ينزلقوا بالأفغان عن طريقهم القويم بتصلفاتهم وعنجهياتهم؟

فبأي تهديد وتحذير يريد أشرف غني أن يخوّف الأفغان البواسل ويرعدهم؟

ويظنّ أشرف غني أن يحطّم معنويات المجاهدين بمروحيتين، ويبعدهم أو يحرفهم عن موقفهم السامي ويجبرهم للسلام الشيطاني كلا وألف كلا، وإنه ليذهب بأمنيته هذه إلى المقبرة إن شاء الله، ويمكن أن تسلّم أمريكا طائرات ومروحيات أخرى إلى الإدارة العميلة، فالمجاهدون علاوة على ما يستهدفون هذه المروحيات واحدة تلو الأخرى ويبيدون الذين يستقلونها أيضاً، وخير شاهد على ما نقول استهداف مجاهدي الإمارة الإسلامية طائرة نقل عسكرية أمريكية عملاقة في منطقة قلعة خيل التابعة لمديرية كوه صافي بولاية بروان. وحسب المعلومات الواردة بأن طائرة النقل العملاقة سقطت في منطقة “توري سوكي” بنفس المديرية واشتعلت النار فيها، وكانت تنقل عشرات الجنود الأمريكيين الجدد إلى قاعدة باغرام الجوية فلقوا حتفهم).

أمّا أجمل كلمة اليوم هي التي بعنوان: ” قادةً وجنوداً كلنا مستعدون للتضحية” يتطرّق إلى بطولية نجلّ الإمارة الإسلامية وتضحيته الغالية، نقرأ فيه: إنّ للإمارة الإسلامية مكانة خاصة في تاريخ الجهاد والتضحية، فالقائد والجندي، والأمير والمأمور، والكاتب والدبلوماسي، كلهم بذلوا جهوداتهم الجبّارة للدفاع عن الدين والوطن، فضحّوا بالغالي والنفيس، وبذلوا مُهجهم وأرواحهم وما يملكون، وتركوا الأهل والأوطان، واستقبلوا عن الشهادة والجراحة والإسارة بوجه طلقٍ هشوش، وضحّوا بعائلاتهم في سبيل المقاومة والجهاد.

فقبل يومين قام الشهيد كما نحسبه والله حسيبه الحافظ عبد الرحمن خالد تقبله الله نجلّ زعيم الإمارة الإسلامية أمير المؤمنين الشيخ هبة الله آخوندزاده بتنفيذ عملية استشهادية بطولية في مديرية جريشك بولاية هلمند، وكبّد الأعداء خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.

وعلى جانب آخر فإنّ ابن رئيس الحكومة العميلة أشرف غني وابنته يسكنان وفق أهوائهما وبعيدً عن القيم الدينية والحضارية في أمريكا، فالعدوّ لِما أنه يقيس المجاهدين بنفسه كان دوماً يطبّل ويزمّر بأنّ أبناء قادة الإمارة الإسلامية يتمتعون بعيش رغيد وباذخ، ويحرّضون أبناء الفقراء والمساكين على تنفيذ العمليات الاستشهادية،  إلا أنّ هذه الدعايات السخيفة والكاذبة غير موثوقة وفنّدت عملية ابن زعيم الإمارة الإسلامية جميع مزاعم العدوّ الخاوية ودعاويه الكاذبة.

وإنّ استشهاد فلذة كبد أمير المؤمنين حفظه الله أثبت مرّة أخرى للعدوّ مدى إرادتنا القويمة للقتال والنّضال.

أجل؛ إنّ أبناء الأمير والمأمور جميعهم في صفٍ واحدٍ، ينتظرون دورهم للتضحية والفداء، فالإمارة الإسلامية حركة استشهد معظم قادتها أو قضوا سنواتٍ عديدة خلف قضبان الألم، وقضوا نحبهم في سبيل الله في نهاية الغربة.

فمؤسس إمارة أفغانستان الإسلامية الفقيد أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد رحمه الله أدار أمور البلاد من بيت طيني زهاء 12 عاماً، وأرشد المجاهدين في جهادهم ضدّ الكفر والفساد، وفي نهاية المطاف قضى نحبه في نفس المكان بعيداً عن الأطبّاء والدواء جراء  مرض السلّ.

وكذلك الشهيد أمير المؤمنين الملا أختر محمد منصور تقبله الذي أعلى مكانة الإمارة الإسلامية سياسياً وعسكرياً جراء جهوده الحثيثة ما عرف خلالها الليل عن النهار، استهدفه الصليبيون بالقنابل التي شوّته بالكامل.

فعلى المحتلّين والإدارة العميلة أن يعرفوا بأنّ خصمهم قومٌ ما التحقوا لصفوف الإمارة الإسلامية إلا للتضحية والفداء، وبذل مهجهم وأرواحهم في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله، فأسمى أمانيهم الموت في سبيل الله، ومن هنا نراهم منتنصرين بإمكانياتهم الضئيلة والعتاد العسكري القليل وهزموا عدوهم المدجج بالسلاح.

فإذا كان هذا حال رجال الإمارة الإسلامية وأبنائهم حيث أنهم في مقدّمة التضحيات فأنى لهم بأن لا ينتصروا.

وبهذه الموضوعات نختم هذا البحث ونغلق ملفّ كلمة اليوم إلى ملف آخر.