أمام محكمة التاريخ

بقلم الاستاذ خلیل

 

أيها التاريخ جئت أشكو إليك، فإني لم أجد أحدا أتسامر معه وأخفف به حزني غيرك، أيها التاريخ حزني شديد ومصابي جلل وألمي ثقيل.

مهلا أيها التاريخ، فلم أجد في العالم محكمة عادلة أرفع الدعوى لها، ولم أجد أحدا يسترد لي الحقوق المغتصبة من هؤلاء الغاصبين المعتدين.

اعذرني أيها التاريخ، إن أطلت الكلام عليك، فلا أجد أحدا يواسيني، ويشاركني الأحزان.

أيها التاريخ، لا أجد أحدا أناجيه وأستغيث به في مصابي غير الله سبحانه وتعالى وهو حسبي ونعم الوكيل وهو نعم المولى ونعم النصير.

أيها التاريخ، أعرني سمعك واقترب، وخذ قلمك واكتب.

ارتكبت أمريكا مذبحة بحق الأطفال، مجزرة اهتز لها العالم الإسلامي، وبكى لها القاصي والداني ألما وحُرقة، إنها مجزرة قندوز الأليمة التي خلفت وراءها عشرات القتلى من حملة كتاب الله الصغار.

لا تظن أيها التاريخ أن فرعون مصر هو الوحيد في ذبح الأطفال وقتلهم، ففرعون أمريكا أقسى قلبا منه، ولو أحيي فرعون لاستصغر جرائمه أمام جرائم أدعياء حقوق البشر، ولا أريد تبرئة فرعون، بل رجائي منك أن توثق جرائم أمريكا كما وثقت جرائم فرعون.

وإن كانت قريش أول من سنّ وأد البنات، فأمريكا أول من سنّ قصف الأطفال.

وإن كانت رعلا وذكوان وعصية غدرت وقتلت القراء الكبار، فأمريكا غدرت وصبّت جام غضبها وقصفت القرّاء الصغار.

سجل أيها التاريخ أن هذه المجزرة حدثت حينما كان على عرش أفغانستان ختن الصليبيين العميل “أشرف غني”.

سجل أيها التاريخ، فأقوياء العالم تداعوا عليّ واستباحوا دماء أطفالي ونسائي وشيوخي، وظلوا يستمتعون بقتل أطفال المسلمين في الشام وأفغانستان ظانين أن لا رادع يردعهم، محاولين بهذه الجرائم تمديد احتلالهم وإخضاع الشعب الأفغاني.

أيها التاريخ، أخبر الأجيال القادمة عن صمودي وصبري وتضحيات أبنائي.

أخبر القرون الآتية عن همجية أمريكا وحدثهم عن عنهجيتها، أخبر الآتين أن حضارة الغرب قامت على أشلاء الأطفال الصغار، وعلى أنقاض بلاد المسلمين.

أيها التاريخ، إن المحتل المخادع يحاول التهرب من مسؤولية الغارة الجوية ويلقي باللائمة على عملائه الأفغان، ولكن سواء كان المنفذ هو العدو المحتل، أو العدو العميل؛ فإن المسؤول عن دماء الأطفال هي أمريكا لأنها هي الآمرة، وهي صاحبة القرار، وهي التي سلطت هؤلاء العملاء على الشعب الأفغاني.

 

شكرا أيها الشعب الأفغاني، بتسجيلك الدعوى في محكمتي، واطمئن، فإني لا أداهن أحدا ولا أحابي، ولا أجامل ولا أداري.

وتحيتي إلى أولئك الدعاة والعلماء والمفكرين وعامة المسلمين والجماعات الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها الذين شاطروكم الأحزان ونددوا بهذه المجزرة الفظيعة، ولعنوا القتلة الذين سفكوا دماء الأطفال الأبرياء.

اطمئن فكما عجز فرعون مصر عن القضاء على موسى عليه السلام، وغذي موسى وترعرع على عين الله وحفظه، هكذا سيخرج الشعب الأفغاني منتصرا، غالبا غانما بإذن الله من هذه المعركة.

اشك ضعفك وقلة حيلتك لرب المستضعفين، فهو الذي يستجيب دعاء المظلومين، وهو ناصرهم ومولى المؤمنين.

لا ترضوا بالضيم، ولاتستسلموا أمام المعتدين، ولا تعطوا الدنية في دينكم، كونوا من الصابرين، فإنما النصر صبر ساعة.

أيها الأبطال أنتم تخوضون حربا مقدسة ضد احتلال جائر، ظالم، معتد، ولن يستطيع الاحتلال الأمريكي أن يقلب الحقائق ولو سخر جميع إمكاناته.

حربكم مقدسة بكل المقاييس والمعايير وليست إرهابا، فأنتم تحمون المقدسات وتنافحون عن عقيدتكم، وإن جندكم هم الغالبون، وإن حزبكم هم المنصورون، لأن الله معكم.

واصلوا الكفاح، ودافعوا عن عقيدتكم وعن بلادكم، لا تتركوا العدو يفرق جمعكم، ويشتت أمركم.

واصلوا مقاومتكم واستمروا في جهادكم وسيغير كفاحكم العالم، لا تيأسوا ولا تتعبوا من طول الطريق، ولا تملوا من تقديم التضحيات، ولا يهولنكم أمرهم فإنهم سيهربون، ولا يهولنكم أمرهم فإن أمرهم يسير.

وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجبر مصابكم، ويقوي ضعفكم، ويلهمكم الصبر والسلوان إنه ولي ذلك والقادر عليه.