حلّ أزمة التعليم

سيف الله الهروي

 

من بين التحديات الثلاثة التي تواجهها الأمة الإسلامية (في مجالات التعليم والسياسة والاقتصاد)، يُعدّ التحدي التعليمي أكثرُها خطورة؛ فلم يزل التعليم مزدوجًا؛ فهناك تعليم ديني تقليدي، وآخر تعليم مادي عصريّ، ثم في التعليم الديني هناك قراءات مختلفة، وعمليا ليس أمام المخططين للتعليم إلا اختيار واحد مما يلي لتجاوز هذا التحدي:

١- رفض التعليم المادي العصري وحذفه بكامله وتحويل الجامعات العصرية إلى جوامع دينية وفرض التعليم الديني التقليدي بقراءة خاصة كالتعليم المستقل الوحيد في البلاد.

٢- المضي في ازدواجية التعليم كما كان.

٣- صياغة نظام تعليمي جديد مستقل يلائم عقائد الأمّة ومقوماتها وحاجاتها وأهدافها.

 

الخيار الأول صراع فاشل خاسر. والثاني علاج عابر. والأخير هو الحلّ وفيه صعوبة، لكنه العلاج، وإليه أشار  العلامة الندوي -رحمه الله- في بعض مقالاته حيث قال: «وحلّ هذه المشكلة، مهما تعقّد وطال واحتاج إلى الصبر والمثابرة، ليس إلاّ أن يُصاغ هذا النظام التعليمي صوغاً جديداً يلائم عقائد الأمة المسلمة ومقومات حياتها وأهدافها وحاجاتها، ويُخرج من جميع مواده روح المادية والتمرد على الله، والثورة على القيم الخلقية والروحية وتعبد الجسم والمادة، ويُنفخ فيه روح التقوى والإنابة إلى الله وتقدير الآخرة والعطف على الإنسانية كلّها، وتُجعل العلوم والنظريات موضع الفحص والدراسة الجريئة، ونوضح ماذا جنى نفوذ الغرب وسيطرته على الإنسانية والمدنية، وندرس علومه بشجاعة وحرية ونعتبرها كمواد خام (Raw material)، ونضع منه ما يوافق حاجاتنا وعقيدتنا وثقافتنا.

ويؤكد العلاّمة قائلا: إن هذا العمل، ولو كانت في طريقه عقبات وعراقيل ولو تأخرت نتائجه، هو الحل الوحيد للموجة الطاغية التي اكتسحت العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، موجة التجدد والتغرّب التي تتحدى الكيان الفكري للإسلام وجهازه الاجتماعي، وظلت تهدد حياته وبقاءه، ونتيجة لذلك أصبحت عاطفة الشعوب المسلمة وتضحياتها ووفاءها التي هي السبب المباشر الأساسي في إنشاء الحكومات وتحرير البلاد (مثل ما كان في باكستان واستقلالها بالحكم)؛ وقوداً حقيراً في نار التجدد والتغرب، وأصبحت الجماهير المسلمة المخلصة المتحمسة قطعانا من الغنم يحكم في رقابها هؤلاء القادة والولاة، وتُساق إلى أي هدف في صمت وهدوء، وهذا هو السر في نجاح الغربيين في الشرق الإسلامي واستمرار طبقة الضباط والموظفين الكبار والحكام الذين رُبّوا تربية غربية خالصة، الذين يحكمون على رقابنا ويرقصون بإشارة رؤسائهم في بلادنا ويتلاعبون بثرواتها وكرامة الشعوب المستضعفة».