في ظل الاحتلال: افغانستان يتربع علي عرش افيون العالم !

عند تسويد هذا المقال أيام حصاد الأفيون في أفغانستان كشف تقرير للأمم المتحدة والذي نشر هذا الشهر أن مساحات الاراضي المزروعة بالنباتات المخدرة في أفغانستان ازدادت للعام الثالث على التوالي وأكد مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات ان زراعة النباتات المنتجة للهيروين ازدادت حتى في المناطق التي كانت فيها الزراعة منعدمة وقال الممثل عن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات اشيتا ميتال: “الوضع مقلق للغاية، إذا كانت هناك زيادة في زراعة هذه النباتات، أعتقد أن أفغانستان ستتحول الى دولة مخدرات إذا لم يتم اتخاذ إستراتيجية واضحة المعالم”.
يقال إن أول من اكتشف الأفيون هم سكان وسط آسيا في الالف السابعة قبل الميلاد ومنها انتشر الى مناطق العالم المختلفة وقد عرفه المصريون القدماء في الالف الرابعة قبل الميلاد وكانوا يستخدمونه علاجا للأوجاع وعرفه كذلك السومريون وأطلقوا عليه اسم نبات السعادة وعرفه البابليون والفرس كما استخدمه الصينيون والهنود ثم انتقل الى الرومان واليونان ولكنهم اساءوا استعماله فأدمنوه وعرف العرب الأفيون منذ القرن الثامن الميلادي وقد وصفه ابن سيناء لعلاج التهاب غشاء الرئة الذي كان يعرف ويسمى وقتذاك (داء ذات الجنب) وبعض أنواع المغص وفي عام 1906 وصل عدد مدمني الأفيون في الصين 15 مليونا وفي عام 1920 كانت نسبة المدمنين 25% وفي الهند عرف نبات الخشخاش والأفيون منذ قرن السادس الميلادي وظلت الهند تستخدمه في تبادلاتها التجارية المحدودة مع الصين وفي عام 1839ميلادي اندلعت الحرب بين الصين وبين انجلترا عرفت باسم حرب الأفيون وانتهت في 1842 بهزيمة الصين.
وهناك مادة ثانية لا تقل ضررا من الأفيون هي القنب والقنب كلمة لاتينية معناها ضوضاء وقد سمي الحشيش بهذا الاسم لأن متعاطيه يحدث الضوضاء بعد وصول المادة المخدرة الى ذروة مفعولها، وقد عرفت الشعوب القديمة نبات القنب واستخدمته في اغراض متعددة الدينية والترويحية وكان الكهنة الهنود يعتبرون القنب اوالحشيش من أصل الهي لما له من تأثير كبير واستخدموه في طقوسهم وحفلاتهم الدينية وقد عرف العالم الاسلامي الحشيش في القرن الحادي العشر الميلادي حيث استعمله قائد القرامطة حسن بن صباح وكان يقدمه لأفراد مجموعة البارزين.
إن الخشخاش أو أبو النوم عصيره به مادة الأفيون التي تسبب الإدمان ويستخرج الأفيون من كبسولة النبات عن طريق تشريطها في الصباح الباكر، وهي على الشجرة لتخرج منها مادة لبنية لزجة تتجمد وتغمق في اللون ويحتوي علي مواد قلويداتية كالمورفين والكودايين والناركوتين (نوسكوبين) والبابافارين. ومن المورفين يحضر الهيروين كما يستخدم الأفيون في التخدير وكمسكن قوي للآلام ولاسيما في العمليات الجراحية والسرطانات ولوقف الإسهال ومادة الكودايين به توقف السعال. وكثيرا ما يستعمل الأفيون بسبب الهلوسة والإدمان.
هذا وقد ازدهر زراعة الأفيون في بلادنا في ظل الاحتلال الأمريكي وطبقا للمصادر المطلعة، تعد أفغانستان حاليا المصدر الأول للأفيون في العالم وقد دعا المجتمع الدولي الحكومة العميلة مرارا إلى القيام بمكافحة الفساد والمخدرات، وشدد على ضرورة بذل جهد دولي لمصالح أفغانستان، ليتمكن هذا البلد المنكوب من تلبية حاجاته على صعيد التنمية والأمن والاستقرار كما شدد على ضرورة توسيع التعاون الإقليمي والمصالحة الوطنية ولكن أين الآذان الصاغية والاستطاعة الكاملة والإرادة الصلبة والقلوب المفعمة بالخير والصلاح؟.
لا يخفى على احد أن امارة افغانستان الاسلامية كانت قد قضت على زراعة الأفيون في البلاد قبل الغزو الأمريكي وهذا ما يشير الى تقييد الشعب وامتثاله لأوامر أمير المؤمنين حفظه الله ورعاه بخلاف أوامر العملاء فان الحكومة العميلة لا تستطيع منعها قطعا على ان الآلة العسكرية الأمريكية التي جاءت لقتل الشعب الأفغاني هي قامت بازدهار تلك النبتة النجسة وزادت من سلطة المتعاونين مع الاحتلال امراء الحرب الذين يزرعون الأفيون ويشجعون من يقوم بهذا العمل بحرية تامة فلقد ازدادت نسب زراعة الأفيون خلال سنوات الاحتلال الأمريكي أكثر مما توقعه الاحتلال ذاته.
وعلى الرغم من أن هذه المشكلة معروفة للعالم وهو يعاني من آثارها السيئة إلا أن البنتاغون ما اكترث بها ولا بحث عن حلول جذرية لها لأنه لا يرغب في اكتساب عداء أمراء الحرب الذين يعدون السبب الوحيد والجوهري الذي يكفل بقاء القوات الأمريكية في أفغانستان والذين يشرفون مباشرة على إنتاج وتجارة الافيون و المخدرات.
نحن لا نلوم الحكومة العميلة فهي كالعبد الكل على مولاه أينما يوجهه لا يأتي بخير ولكن نتساءل ماذا فعل امريكا والغرب بخبرته وتقنيته الفائقة؟ هل استطاع القضاء على المخدرات في البلد المحتل؟ هل استطاع أن يضع حدا لتزايد الجرائم الناشئة منها؟ هل استطاع أن يوقف أخبث مرض افرزته المخدرات والجنس هو مرض الايدز القاتل؟ وهل يرجى ويتوقع من المجرمين مكافحة ذلك؟.
إن المصانع والمعامل الخاصة بمعالجة الأفيون لتحويله إلى هيروين قد شهدت نموا هائلا في ظل الاحتلال الأمريكي مما يعني زيادة الانتاج وقد صدق من قال: “أن الاحتلال حول بلادنا اكبر مزرعة للأفيون في العالم، أفيون يوزعه على الدنيا بطائراته الحربية والمدنية على هيئة مسحوق هيروين القاتل والذي يستنزف به طاقات الأمم وثرواتها وقد دخل محصول الأفيون عصر الانطلاق العظيم بفضل جيوش الاحتلال ولا يستطيع اليوم أحد ضمان أن يتخلى المزارعون عن المخدرات في ربوع البلاد”.
لاشك أن النجاح الباهر بنسبة منع زراعة هذا النبات المحرم الضار كان في حقبة امارة افغانستان الاسلامية حيث صدر المرسوم الأميري الواحد ونفذ في جميع اقطار البلاد فورا وقد رأى المجتمع الدولي ذلك بأعينهم واعترف به العدو قبل الصديق بخلاف اليوم لأن كل أوامر العملاء حبر على الورق بحيث لا يقدم ولا يؤخر من الواقع شيئا وأحيانا تتمثل الحكومة مسرحية لتخدع العالم وتجني المليارات من المساعدات من ناحية مكافحة المخدرات من الدول والحكومات الغربية والذي لا يصب إلا في جيوب المسئولين العملاء وقــــد شوهد أن المنطقة التي تختارها مسبقا ولكن قبل قدوم الصحافة والكاميرات الاعلامية يتفق الفريق المقرر بهذا الشأن من الحكومة العميلة مع اهالي القرية والمزارعين فيختارون أضعف الأنواع من محصول ذلك العام لتدميره طوعا أو كرها تعويضا عن باقي المزارع، كل هذا لتحويل انظار العالم عن باقي المزارع والأراضي المزروعة بهذه المواد النجسة المحرمة ولا يخفى على احد أن لوردات الحرب والعملاء الحكام لهم نصيب الفهد من فريسة هذه المزارع لأنهم اعضاء في المافيا العالمية واما المزارعون البسطاء فانهم لا يأخذون الا مبلغا رمزيا مقارنة بسعره الذي يبيعه الوزراء والحكام العملاء.
نحن نستغرب حقا ممن يقول ان الامارة الاسلامية تؤيد زراعة المخدرات او تستفيد من هذه المواد المحرمة شرعا وقد اثبتت الأيام ان هذه الزراعة شهدت ازدهارا كبيرا بعد الغزو الأمريكي للبلاد وأنجبت العصابات الخاصة بها وهذه العصابات تمارس كل شيء وتتراوح جرائمهم بين صمت كبار المسؤولين في الشرطة العميلة والجيش والجهاز الاداري العميلين بالرشوة والفساد ولاشك ان زراعة الأفيون وإنتاج المخدرات توسعت أكثر في افغانستان بعد التواجد الاميركي فيها وهكذا ينتقم الاحتلال منا بكل الطرق.
قال مكتب مكافحة المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة أخيرا إن الزيادة في المساحات المزروعة بخشخاش الافيون جاءت على الرغم من الجهود الرامية الى القضاء على زراعته عام 2012.
ويضيف التقريران زراعة هذا المحصول تتركز في المناطق الجنوبية والغربية من البلاد وطبقا لنتائج التقرير ظل عدد المقاطعات الخالية من زراعة الخشخاش دون تغيير عند حدود بضعة عشر مقاطعة وقد افادت تقارير ان انتاج الافيون في البلاد تضاعف في العام الماضي بسبب الارتفاع في اسعار بيعه… وتنتج افغانستان اكثر من 90 في المائة من الإنتاج العالمي للأفيون.
وللأسف الشديد ان نقمة الاحتلال ادت الى أن في أفغانستان ايضا ضحايا زراعة هذه النبتة الملعونة الأفيون ويقال انه يعاني من الادمان 1.8 مليون افغاني من أصل عدد السكان الاجمالي البالغ 30 مليون نسمة، من بينهم 400 ألف طفل مدمن وقد تضاعف عدد المدمنين على الهيروين في أفغانستان بين العامين 2005 و2009 ليصل الى 190 ألفاً أما عدد المدمنين على الأفيون فيصل إلى 350 ألفاً، بحسب معلومات الجهات المختصة.
وفي ضوء الحقائق والتقارير الدولية والإعلامية تبدو بلادنا اليوم بصورة الدولة التي فشلت في تحقيق التنمية ومكافحة المخدرات ونشر سيادة القانون واستتباب الأمن والاستقرار فهي دولة فاشلة في ظل الاحتلال الغاشم وقد اصبحت تتربع على عرش افيون العالم وبات وجود الاحتلال سبب ازدهارها فهذا المسكين غرس الديمقراطية الغربية وعميل الجبابرة اعني حامد كرزاي عندما يذهب الي الغرب فيتحدث معه أسياده عن الديمقراطية وأحلام المجتمع المدني المتحضر على نمط الغرب بخلاف ما يزور دولا إسلامية، هناك يجد أن القضية تختلف تماما فلا احد يسأله عن الديمقراطية والتحضر والتقدم ولكن يحدثه عن زراعة المخدرات وتعاطي الهيروين والمصالحة الوطنية واستتباب الأمن والاستقرار.