لن نساوم علی الشريعة!

أبو يحيى البلوشي

 

أصدرت منظمة يوناما؛ الممثلة للأمم المتحدة في أفغانستان، تقريرًا حول أوضاع أفغانستان في الشهور الثلاثة الأخیرة لسنة ۲۰۲۳. وادعت في تقريرها هذا ادعاءات تخالف الحقائق على أرض الواقع في أفغانستان، حول حقوق المرأة وحجابها وتعامل الحكومة معها.

إن ما نشرته هذه المنظمة، رغم أنها ادعاءات خاوية وتهم واهية، إلا أنها تخالف تمامًا ما أمرتنا الشریعة الإسلامیة به فيما يخص حقوق المرأة والحجاب. وإن وصف أحكام الشريعة بأنها تناقض حقوق الإنسان، لهي إهانة للشرع وللشعب المسلم الذي قدم تضحیات جسیمة لتحكیم الشريعة.

حينما نعلن أمام الشعب أننا نقيم الشريعة الغراء المحمدية علی أرض أفغانستان، فلن نستطیع أن نخالف الشريعة قید أنملة، أو أن نتراجع عنها، فیخالفنا الشعب والشرع.

یخالفنا الشعب ويقوم في وجهنا؛ لأنه قدّم أبناءه البررة تضحیات وقرابين لإقامة شرع الله عز وجل، وتنفيذ الحدود، وطرد الاحتلال الغاشم من هذا الوطن‌.

ولا یأذن الشرع، لأن شرعنا وديننا ليس مجرد علاقة شخصية بين العبد وربه؛ بل يشمل سائر جوانب حياة الإنسان کالجانب الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ويشمل سائر أمور الحیاة، وحتی الدولةَ يشملها تمامًا بجوانبها المختلفة، ويشمل حوائج الناس والنوازل من المسائل الجدیدة. فللإسلام أيضًا أحكام يستنبطها العلماء من الكتاب والسنة‌، وفيهما أوامر ونواهي للمرأة ولحياتها، ولا بد من مراعاتها بصفتها مؤمنة تؤمن بالوحي الحكیم والشرع المتين‌.

إن الشعب الأفغاني الأبي قام في العقود الماضية ضد الديموقراطية الغربية الزائفة التي تستهدف ديننا وعزنا وكرامة نسائنا، ويرفع أصحابها شعارات الحرية للبشر عامة وللنساء خاصة لبث الفساد الأخلاقي في البلاد ونشر العهر، ويسعون لنشر ثقافة تخالف ما أمرنا الله به حول المرأة، فتُخرج المرأة من بيتها وتسوي بينها وبين رجل يعمل كل یومه أعمالا شاقة ثقيلة، فتترك الأبناء وهم قادة الأجیال القادمة لتربيهم خادمة أو مربية لا تبالي إلا بالراتب الشهري لها وتغفل عنهم الأمهات فينشأ الجيل الراهن ضعيفا لا يغني الأمة من ضرر ولا يجدي لها نفعا. والمنظمات الغربية في أفغانستان تريد مثل هذه “الحرية” وهذا “الحق” لنساء الأفغان.

والله أمر المرأة في القرآن وبلسان رسوله -علیه السلام- برعاية الحجاب حين خروجها من البيت والستر، وعلق علی هذا في آيات متتالية كثيرة، وبين أن الحقوق في الحياة بين الرجل والمرأة ليست متساوية؛ بل متوازنة في نظر الإسلام.

وإنّ للمرأة في الإسلام حقوقا أغنتها عن جميع قوانين الغرب والأنظمة الراعية لحقوق النساء، فتغلب کفة المرأة المسلمة في کثير من جوانب الحیاة وتعيش كملكة في بيتها تربي أبناء بررة للأمة، ولها دور عظيم في بناء أسس الملة والشعب بتربية أبنائها، فلا تعيش كغربية تُخرَج من بيت أبيها بعد أن تبلغ سن التكليف لتبحث عن حوائجها بنفسها وتبحث عن عمل یسد جوعها، وربما تجرها الحاجة إلی عمل مناف للإنسانية وإلی بيوت الدعارة لقضاء حوائجها الدنيویة وسد رمقها.

إن الإمارة الإسلامية مذ بداية حكمها علی البلاد، راعت حقوق المرأة بجميع جوانبها في نطاق الشريعة، لا كما تأمر بها أمریكا ومنظمات حقوق المرأة التي تستهدف من حقوق المرأة وحريتها، سهولة الوصول إليها.

إن الإمارة الإسلامية كونها حكومة مسؤولة عن الشعب والبلد، لن تضيع حق أي فرد من أفراد الشعب، رجلا كان أو امرأة، وعينت لهذا الأمر لجنة في وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للاستماع إلی شكاوی الشعب من قبل المسؤولين الحكوميين، فهل بينت يوناما يومًا مثل هذه الإنجازات؟!

إنّ منظمة يوناما، لابد أن تدرك مفاهیم الشريعة ثم تحكم علی الأوضاع وتقدم تقاريرها، فالشعوب والحكومات، لها مناهج وطرق وأديان، والشعوب لها اعتبارات لا بد أن تدركها وتهتم بها وتراعيها، ثم تحكم علی ذلك.