19 عاماً من الرباط في جبهة الإعلام

بفضل الله تشهد “الصمود” في هذا العدد (217) عامها التاسع عشر منذ ميلادها، وعامها الثاني منذ تحرير البلاد وتطهيرها من دنس الاحتلال ومعانقة راية التوحيد -راية الإمارة الإسلامية- لسماء وطننا الحبيب. والمجلة كانت -ولا زالت- منذ عام 2006 نافذة شهرية على أبرز الأحداث التي تدور على أرض أفغانستان وعلى شعبها الأبي طيّب الأُرومة، تطلّ على قرائها باللغة العربية لتؤدي واجب البلاغ؛ بلاغ الجهاد ومقاومة المحتلين، سابقاً؛ وبلاغ نمو وازدهار البلد المسلم وارتقائه تحت ظل قيادته الحكيمة، حالياً.

إن ميدان الإعلام لا يقل أهمية عن ميدان السنان، وقد انتصرت الإمارة الإسلامية -بحمد الله- في معركة السنان، ولكن معارك الإعلام لا تزال جارية مشتعلة، وهي الطبيعة التي خلق الله -عز وجل- هذا الكون عليها؛ في أن يبقى الحق والباطل في صراع ومدافعة حتى يغلب الحقُ الباطلَ فيزهق ويزول. هذا عدا عن معارك ميادين: الاقتصاد، والسياسة، والأمن، والفكر، التي لا تزال الإمارة الإسلامية تخوضها ونحسب أنها تبلي فيها بلاء حسناً إن شاء الله.

وبعد انتصار الشعب الأفغاني بقيادة إمارة أفغانستان الإسلامية وطرده للمحتلين من أرضه؛ حشد أعداء الحرّية ممن ساءهم هذا الانتصار العظيم، أدوات كذبهم وأبواق باطلهم؛ لتقبيح هذا الانتصار والتشكيك فيه، وتسويد صورة الحكومة الإسلامية -المتمثلة بالإمارة الإسلامية- في أذهان العالم! والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد وقراراتها بشكل فجّ؛ عن طريق شن الحملات الإعلامية المحشوّة بالافتراء والبهتان والزور!

فلا يمكن لهؤلاء أن يتحدثوا -ولو بشكل مقتضب- عن الإنجازات التي أثمرتها زروع الإمارة الإسلامية في المدة القصيرة الماضية من حكمها؛ لا يمكنهم أن يتحدثوا عن مشروع قناة “قوشتيبه”؛ عن مكافحة زراعة المخدرات بكافة أنواعها؛ عن معالجة مئات الآلاف من مدمني المخدرات الذين خلّفهم احتلال العشرين عاماً وإعادة تأهيلهم للانخراط في المجتمع؛ عن إعادة إعمار نفق “سالنك” الجبلي؛ عن إعادة مئات المصانع المهجورة للعمل والإنتاج؛ عن إنشاء السدود واستغلال موارد البلاد المائية في الطاقة والري؛ عن بسط الأمن في كافة أنحاء البلاد؛ عن قطع قرن خوارج العصر “داعش”؛ عن العفو العام الذي أطفأ نار الفتنة وأطفأ معها أحلام تجار الحروب؛ عن الحفاظ على سعر العملة الأفغانية وتحسين أدائها؛ عن بناء خط للسكك الحديدية؛ عن إبرام عقود التعدين مع شركات محلية وأجنبية؛ عن القضاء على عصابات السلطة والفساد الإداري الذيْن كانا مستشريان في أركان الحكومة السابقة؛ عن وعن وعن… لن يتحدثوا عن ذلك كله لسبب بسيط: وهو أنهم لا يريدون رؤية الحقيقة ولا يبحثون عنها أصلاً؛ بل هم ليسوا أكثر من منفذين لأجندات مطلوبة منهم وحسب!

إنه رغم مضي أكثر من عامين على تحرير البلاد، وتولي أبناءها الأوفياء المخلصين مسؤولية قيادتها والإبحار بها نحو ساحل الأمان، ورغم تحقيق الكثير من النجاحات المبهجة والإنجازات الكبيرة على كافة الأصعدة -مع وجود العراقيل والضغوطات الدولية- فلا يزال البعض سادراً في أحلامه الشيطانية، سابحاً في فلك شهوة التسلّط وممارسة الوصاية على الأمم والشعوب! يتحدث ويُعيّن ويقرر ويعلن بعقلية محتل، وبنفسية محتل، وبصوت محتل!!

فمتى -يا تُرى- سيصحو هؤلاء من سكرتهم وينتبهوا إلى أن الواقع اليوم المصنوع بتضحيات ودماء وآلام مئات الآلاف من الشعب الأفغاني؛ مختلف تماماً عن واقع الأمس البائس الذي سلّطوا فيه على الشعب الأفغاني -بقوة الحديد والنار- حكومة عميلة تأتمر بأمرهم وتنتهي بنهيهم!؟ وكم من الزمان يجب أن ينقضي حتى يتعلّم هؤلاء من أخطائهم المرتكبة مراراً وتكراراً ويُسَلّموا بفشل سياساتهم الرعناء في احتلال الأمم ونهب خيراتها وسلب حريّتها وكرامتها وحقّها الأصيل في تقرير شؤونها الداخلية؛ سواء كان ذلك احتلالاً مباشراً بالقوى العسكرية أو احتلالاً غير مباشر بالقوى الناعمة!

 

إنه العام التاسع عشر منذ بدء “الصمود” رحلتها الإعلامية وإطلاق رسالتها في الجهر بصوت الشعب الأفغاني، والدفاع عن حقوقه، ودحض الأباطيل التي يختلقها الإعلام المعادي على الضفة الأخرى لتشويه صورة هذا الشعب وحكومته. ونستغل هذه المناسبة لنعد قراءنا الكرام -إن شاء الله- بالمضي قُدُماً في إعلاء صوت الحق عبر هذا المنبر الطيب الذي افتتحته وباركته كلمات أمير المؤمنين الراحل الملا محمد عمر مجاهد (رحمه الله)، وأن “الصمود” ستظل منبراً يقدم الصورة الحقيقية عن مقبرة الامبراطوريات؛ أفغانستان المسلمة، في شتى المجالات: السياسية، والاقتصادية، والدعوية، والثقافية، والفكرية؛ متخندقة في جبهة الإعلام، مرابطة على هذا الثغر الهام، متسلحة بقذائف الحق وبنادق الحقائق والبراهين والدلائل، ترمي بها جعجعات الباطل حتى يخرس ويموت.